اتفقت طهران وأنقرة على اتخاذ «خطوات تدرُّجيّة» لتسوية الأزمات في المنطقة، وبينها الأزمة السورية، وسط مساعي البلدين لردم الفجوة بينهما والعمل لمنع قيام كيان كردي في شمال سورية قرب الحدود التركية، ما يُنعش آمال أكراد تركيا وإيران. في الوقت ذاته، تراجعت الخروق في اليوم الثامن لوقف «العمليات العدائية» في سورية.
وأُعلن في موسكو أن وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري عبّرا عن تفاؤلهما بالتزام اتفاق وقف العمليات العدائية. وأبلغ لافروف نظيره الأميركي في اتصال هاتفي أهمية ضمان أوسع مشاركة للمجموعات المُعارِضة في محادثات السلام، بمن فيها الأكراد السوريون.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) عن الرئيس حسن روحاني قوله خلال لقائه رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أمس: «ليس هناك اختلاف بين بلدينا حول ضرورة احترام سيادة الدول، وإن مصير البلدان تقرّره شعوبها». وأضاف: «هناك ضرورة لوقف الحرب ووقف إراقة الدماء وإغاثة اللاجئين والمشرّدين، وباستطاعة طهران وأنقرة أن تُقدِما على خطوة جدية ومفيدة وتدرُّجية تجاه هذه المشكلات التي تشتركان في وجهة النظر تجاهها من أجل تسويتها».
وكان روحاني أشار الى وجود «أهداف ومصالح مشتركة» بين طهران وأنقرة، وقال: «عليهما التعاون والتنسيق والتركيز على مكافحة الإرهاب باعتباره عدواً مشتركاً، من أجل تعزيز أسس السلام والاستقرار في المنطقة. إيران وتركيا باعتبارهما بلدين كبيرين وجارين، يمكنهما أن يقوما بخطوات بنّاءة ومؤثرة من أجل إرساء أسس الوحدة في العالم الإسلامي».
وحذّر روحاني من أن «الدول الأجنبية لا تريد تسوية مشكلات المنطقة في شكل كامل وإنما تسعى إلى تحقيق مصالحها، لذلك على دول المنطقة حل مشكلاتها بنفسها، والأكيد أن التعاون بين إيران وتركيا يلعب دوراً بنّاء في إرساء السلام الدائم فيها». وكان داود أوغلو ذكر أن تركيا تسعى إلى «الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وترفض مشاريع تقسيم البلاد إلى دويلات».
ونقل موقع «ترك برس» عن رئيس الوزراء التركي قوله: «أنا واثق بأن تركيا وإيران وبقية الدول المنطقة متّفقة حيال وحدة الأراضي السورية ومنع تقسيمها»، لافتاً إلى أن «الشعوب العربية كانت تحلم بالحرية وبلاد تتمتع بديموقراطية أكثر، لكن الأنظمة المستبدّة سيطرت على ثوراتها. علينا وإيران أن نعمل متّحدين مع كل الدول لإيجاد حل سريع لأزمة سورية والحفاظ على وحدة أراضيها».
وجاءت زيارة داود أوغلو لطهران بعد أيام على إعلان موسكو عدم اعتراضها على قيام دولة فيديرالية في سورية تضم إقليماً للأكراد شمال سورية يربط بين مناطق شرق سورية وشمالها، الأمر الذي يُقلِق تركيا وإيران. ويتوقع أن يكون هذا الملف ضمن القضايا التي يبحثها نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف مع نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان في طهران.
إلى ذلك، أفادت شبكة «الدرر الشامية» المعارضة أمس، بأن الحكومة التركية أغلقت موقتاً معبر جلفا غوزو مقابل معبر باب الهوى في إدلب شمال غربي سورية، علماً أنه المعبر الوحيد بين تركيا ومناطق المعارضة السورية.
ميدانياً، أشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى أن يوم أمس كان «الأكثر هدوءاً في المناطق التي يشملها اتفاق وقف الأعمال القتالية منذ دخوله حيّز التنفيذ ليل 27 الشهر الماضي».
وتستثني الهدنة، بموجب اتفاق أميركي- روسي، تنظيم «داعش» و «جبهة النصرة» ومجموعات أخرى «إرهابية»، لتقتصر المناطق المعنيّة على الجزء الأكبر من ريف دمشق، ومحافظة درعا جنوباً، وريف حمص الشمالي وريف حماة الشمالي (وسط)، ومدينة حلب وبعض مناطق ريفها الغربي. ووثّق «المرصد» في مناطق الهدنة خلال 9 أيام مقتل 148 شخصاً، بينهم 37 مدنياً و52 عنصراً من الفصائل الإسلامية والمقاتلة و26 من قوات النظام و25 من «جبهة النصرة» ومجموعات حليفة لها. وتستثني هذه الحصيلة المعارك مع «داعش». لكن ناشطين معارضين و «المرصد» أشاروا إلى استمرار المعارك في أرياف حلب وحمص وحماة واللاذقية، فيما أفادت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» بأنها «سجّلت في اليوم الثامن للهدنة 36 خرقاً ليصبح مجموع الخروق 289 منذ ٢٧ الشهر الماضي». وأكدت وزارة الدفاع الروسية ليل أمس أنها سجلت 15 خرقاً خلال 24 ساعة.