يتوقع بعض الخبراء عاما جديدا من الإنجازات الفضائية والكونية منها هبوط على سطح مذنب وإرسال سفن جديدة نحو المريخ والتوصل إلى وضع خريطة جينية كاملة لأحياء عاشت قبل مليون عام، إضافة إلى توقعات للأعوام المقبلة بظهور آلات أكثر ذكاء تتعلم كل ما يخص الإنسان وحياته.
* هبوط على مذنب
* أول هبوط على سطح مذنب فائق السرعة. وبينما سجل عام 2013، ظهور المذنب «آيسون» (ISON) في سماء كرتنا الأرضي كان حدثا فلكيا مهما، فإن مجلة «نيوساينتست» البريطانية العلمية تشير إلى أن عام 2014، سيشهد دخول سفينة الفضاء «روزيتا» (Rosetta)، التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، إلى المدار الذي يسير فيه مذنب تشوريموف – غيراسيمنكو (Churyumov – Gerasimenko67P /) حتى تلتقي به وتهبط فوق سطحه. وهذا يعني أننا سوف نشهد عمليتين لاستكشاف المذنبات كان كل منها الأول من نوعه، بالإضافة إلى تحقيق واحد من أعظم الطموحات في حقل الفضاء وهو تنفيذ أول عملية هبوط في أعماق الفضاء الخارجي.
وتعد السفينة «روزيتا»، التي جرى إطلاقها في شهر مارس (آذار) من عام 2004، واحدة من أقدم السفن في عمليات الاستكشاف الفضائي، فقد قضت حتى الآن ما يقرب من عشر سنوات في الدوران حول الشمس، حصلت خلالها على كثير من طاقة الاندفاع بعد مرورها باثنين من الكويكبات، هما «ستاينز» في عام 2008 و«لوتيسيا» في عام 2010. ويسير الهدف الذي تتوجه إليه سفينة «روزيتا» بسرعة 16 كيلومترا في الثانية، بينما تقترب منه المركبة بسرعة 800 متر كل ثانية.
وقد دخلت المركبة في حالة «سبات» منذ شهر يونيو (حزيران) من عام 2011 للحفاظ على مصادر الطاقة، مع بقاء مصدر وحيد للطاقة لتشغيل جهاز الكومبيوتر الرئيس في المركبة. وسوف يجري تنشيط المركبة في العشرين من يناير (كانون الثاني) 2014 استعدادا لالتقائها بالمذنب شوريموف – غيراسيمنكو في مايو (أيار) من العام نفسه.
ومنذ إطلاق وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» للسفينة الفضائية ستارداست (StarDust) عام 2004 في مهمة لجمع عينات من مذنب «وايلد2»، لم تستطع أية مركبة الدخول في مدار أحد المذنبات. غير أن «روزيتا» سوف تتمكن من الدوران في مدار المذنب شوريموف – غيراسيمنكو بسرعة بطيئة بحثا عن مكان مناسب للهبوط على سطحه. وسوف يزداد التشويق في المهمة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عندما تنفصل مركبة الهبوط الآلية «فيله» (Philae) عن المركبة الأم «روزيتا» لتقوم بأول هبوط على الإطلاق لمركبة فضاء على سطح مذنب.
وسوف تثبت «فيله» نفسها في «روزيتا» قبل بداية عمليات الحفر على سطح المذنب شوريموف – غيراسيمنكو. وسيجري تحليل عينات الصخور بواسطة مختبر على سطح المركبة التي سترسل النتائج إلى الأرض. ومثل الكويكبات، يعتقد أن المذنبات توفر معلومات مهمة عن منشأ المنظومة الشمسية لأنها الأجسام الأكثر بدائية في المنظومة ولم تتغير تركيبتها الكيميائية كثيرا منذ تكونها. وهكذا، فإن تركيبتها تعكس تركيبة المنظومة الشمسية عندما كانت في حداثة عمرها ولم «تكتمل» بعد، أي قبل ما يزيد على 4.6 مليار سنة. وتحتوي المذنبات على كميات من المياه، وبالتالي ستظهر عينات الصخور ما إذا كانت مياه المحيطات وكثير من الأشياء الضرورية للحياة على الأرض قد تكونت عند ارتطام المذنبات بالكرة الأرضية في بداية تكونها.
أما المهمة الأخيرة التي ستوكل إلى المركبة «روزيتا» فسوف تتمثل في مراقبة الانحلال التدريجي للمذنب شوريموف – غيراسيمنكو عندما يصل إلى أقرب نقطة في مساره حول الشمس في الثالث عشر من أغسطس (آب) عام 2015.
* مركبات المريخ
* سفن فضائية إلى المريخ. بات من الممكن أن يؤدي تسيير أول رحلتين تقوم بهما مركبتان فضائيتان (إحداهما حكومية والأخرى خاصة) إلى كوكب المريخ، إلى تحفيز وضع خطط جديدة لإرسال البشر إلى الكوكب الأحمر خلال العقود القليلة المقبلة.
وفي شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2014، ستطلق وكالة الفضاء الأميركية مركبتها الفضائية «أوريون» لتقوم برحلة غير مأهولة تستغرق أربع ساعات حول الأرض. وسيرا على النهج الذي جرى إتباعه أثناء إرسال رحلات المركبة «أبوللو» التي حملت البشر إلى القمر، جرى تصميم «أوريون» لحمل البشر على متنها خلال المهام البعيدة في أعماق الفضاء. وسوف تظهر الاختبارات القادمة مدى جاهزية «أوريون» للتحليق في الفضاء، بالإضافة إلى قدرة الدرع الواقية من الحرارة على التحمل عند اختراق المركبة للغلاف الجوي.
وتأمل «ناسا» في أن تؤدي رحلة المركبة «أوريون» إلى إثراء نظرتها الحالية عن الاستكشافات الفضائية المستقبلية التي تتضمن إرسال مركبة مأهولة للاستقرار في مدار حول القمر في عام 2021، وإرسال مركبة إلى أحد الكويكبات في عام 2025، بالإضافة إلى إرسال مركبة فضائية في مهمة إلى المريخ في ثلاثينات القرن الحالي.
وسيشهد العام المقبل أيضا أول عملية إطلاق للصاروخ «فالكون هيفي» (Falcon Heavy)، الذي جرى تصنيعه من قبل شركة سبيس إكس (SpaceX). وسيكون باستطاعة الصاروخ طرح حمولة زنتها 13200 كيلوغرام خلال رحلته إلى المريخ، ليكون بذلك الصاروخ الأقوى بين نظرائه. ولن يتسنى لـ«فالكون هيفي» حمل البشر ومعداتهم إلى المريخ مرة واحدة، غير أنه يمكنه أن يبدأ عمله من خلال إرسال المعدات والمواد اللازمة إلى سطح الكوكب ثم يعود ليحمل طاقم العمل، وهي الفكرة التي اقترحتها الشركة الهولندية «مارس وان»، التي تأمل في إنزال البشر على سطح المريخ بحلول عام 2025. وهناك خطة بديلة لذلك تتلخص في أن يقوم «فالكون هيفي» بوضع المكونات في مدار ثم يجري تجميعها في مركبة متجهة إلى المريخ.
* خريطة جينية
* أول خريطة جينية (جينوم) عمرها مليون عام. في دراستهم لتسلسل أقدم خريطة جينية (جينوم)، استطاع العلماء الكشف عن نوع منقرض من الأحصنة التي عاشت قبل 700000 سنة، فقد تمكنوا من استخراج بقايا حمض نووي من حفرية هذا الحصان الذي كان محفوظا في ثلوج شمال غربي كندا، وجرى نشر جينوم الحصان في يونيو من العام الحالي. وكان ذلك كشفا عظيما فاق اكتشاف سابق لخريطة جينية لدب قطبي عاش قبل 110000 عام ونشر الجينوم الخاص به في عام 2012.
والسؤال الآن، من الذي سيحوز على لقب «الكائن الذي عاش قبل مليون عام»؟ وقد حاز على هذا اللقب متحجرات تعود لما يعرف بـ«الإنسان المنتصب» (هومو إريكتوس Homo erectus) الذي ظهر قبل مليوني عام. وحتى وقت قريب، كان الكلام عن خريطة جينية «جينوم» لأشباه البشر يبدو مخادعا، حيث يكون الحمض النووي (DNA) محفوظا بأفضل طريقة في الأجواء الباردة، بينما عاش غالبية البشر في المناطق الحارة من الكرة الأرضية.
لكن كل ذلك تغير خلال شهر واحد عندما جرى نشر خريطة جينية لبقايا إنسان عاش في فجر التاريخ قبل 400000 عام في كهف في إسبانيا.
ويقول العالم الوراثي ديفيد ريك، من كلية هارفارد الطبية، إنه يمكن الاحتفاظ بالحمض النووي في الأجواء الحارة إذا ما كانت الظروف مناسبة.
* آلات ذكية وكانت شركة «آي بي إم» قد نشرت وللعام الثامن على التوالي توقعاتها حول التقنيات الجديدة للأعوام الخمسة المقبلة. وقال بيرني مايرسون نائب رئيس الابتكارات الجديدة في «آي بي إم»، في حديث نقلته «واشنطن بوست» أن الهدف من التوقعات هو المزيد من التحكم والتوجيه لمصادر الشركة بغية تحقيقها على الوجه الأفضل. وتشمل التوقعات:
– الصفوف التدريسية سوف تعلمك.
– الشراء محليا سيتغلب على الشراء من الشبكة.
– سيلجأ الأطباء إلى حمضك النووي للإبقاء على صحتك.
– راعيك الرقمي سيحميك من مخاطر الشبكة.
– المدينة ستساعدك على العيش بها.
ويقول مايرسون إن أفكار هذا العام تقوم على الحقيقة القائلة إن كل الأشياء ستتعلم، فالآلات ستتعلم عن كل ما يخصنا، وبأسلوب عقلاني، وبالتالي فإنها ستنخرط بهذه الأمور بطريقة طبيعية. وسيجري تمكين الابتكارات عن طريق العمليات الكومبيوترية السحابية، والتحليلات البيانية الكبيرة، وتقنيات التعلم التكيفية. وتعتقد «آي بي إم»، أنه سيجري تطوير التقنيات بأساليب حماية ووقاية مناسبة لتأمين الخصوصية الفردية الآمنة.
ومع التوجه لتحويل الكومبيوترات إلى أجهزة أكثر ذكاء، وأكثر صغرا واندماجا، فإنه سيجري تبييتها في المزيد من الأجهزة التي تساعدنا على إنجاز أمور نحتاجها. وتعتقد «آي بي إم» أن مثل هذه الاختراقات في عالم الكومبيوتر من شأنها مضاعفة قدراتنا البشرية. وقد توصلت «آي بي إم» إلى هذه التكهنات بعد استشارة موظفيها الفنيين البالغ عددهم 220 ألفا.