انخفضت أسعار النفط إلى ما دون 62 دولاراً للبرميل أمس، بعد صدور بيانات أظهرت زيادة مخزون الخام الأميركي للأسبوع الـ15 على التوالي، ما زاد المخاوف من تخمة المعروض العالمي.
وأعلن «معهد البترول الأميركي»، أن مخزون النفط ارتفع 5.5 مليون برميل الأسبوع الماضي، مقارنة بتوقعات محللين في مسح أجرته وكالة «رويترز»، والذي أشار إلى زيادة قدرها 2.9 مليون برميل، لتصل إلى 480.2 مليون برميل.
وانخفض سعر «برنت» في العقود الآجلة تسليم حزيران (يونيو)، 45 سنتاً إلى 61.63 دولار للبرميل. وتراجع الخام الأميركي في عقود حزيران، 51 سنتاً إلى 56.10 دولار للبرميل.
وقال كبير المحللين لدى «بتروماتريكس للاستشارات»، أوليفر جاكوب: «لدينا زيادة كبيرة في الولايات المتحدة (…) لقد طال الانتظار ونأمل في حدوث أول انخفاض في المخزون في كاشنغ، وهذا لم يحدث حتى الآن». وقال رئيس شركة «فيتول»، أكبر شركة لتجارة النفط في العالم، إيان تيلور: «سنرى على الأرجح نزولاً واحداً آخر في الربع الثاني، ولكن الأسعار لن تهبط على الأرجح عن أدنى مستوياتها للعام الحالي».
وكان وفد فنزويلي بقيادة وزير النفط أسدروبال تشافيز، عقد اجتماعات في السعودية في أعقاب محادثات أجراها في إيران، ضمن تحرّك ديبلوماسي داخل «أوبك»، حيث تحتاج فنزويلا بشدّة إلى صعود أسعار النفط. والتقى الوفد نائب وزير النفط السعودي، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، ومسؤولين آخرين.
وأصدرت وزارة النفط الفنزويلية بياناً جاء فيه، أن الاجتماع ناقش «مقترح فنزويلا للتوصل إلى اتفاق بين الدول الأعضاء في أوبك، حول تبنّي موقف مشترك في شأن تحقيق استقرار سوق النفط». وأفادت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، بأن تشافيز اجتمع مع وزير النفط بيغن زنغنه في طهران.
إلى ذلك، أعلنت مصادر أن وحدة تابعة لشركة النفط الأميركية «شيفرون» في السعودية، أبلغت شريكتها الكويتية عزمها إغلاق حقل الوفرة النفطي البري في المنطقة المحايدة بين السعودية والكويت الشهر المقبل، بسبب خلافات طويلة. ويأتي ذلك بعد توقّف إنتاج الخام من حقل الخفجي الذي يخضع للإدارة المشتركة أيضاً في تشرين الأول (أكتوبر)، امتثالاً للقواعد البيئية.
وأوضحت أن قرار «شيفرون» يرجع أساساً إلى مشاكل في الحصول على تراخيص لموظفيها المغتربين من السلطات الكويتية. وقالت الناطقة باسم الشركة، سالي جونز، في بيان: «الصعوبات الحالية في الحصول على تراخيص العمل والمواد، قد تؤثر في قدرة الشركة على مواصلة الإنتاج في شكل آمن (…) الجهود مستمرة مع جميع الأطراف المعنية لحلّ المشكلة». وتتراوح الطاقة الإنتاجية لحقل الوفرة بين 200 ألف و250 ألف برميل يومياً من «الخام العربي الثقيل».
من ناحية أخرى، أعلن مسؤول نفطي عن إعادة فتح ميناء الحريقة الليبي بعد انتهاء إضراب حراس الأمن بسبب الرواتب، وأن ناقلة بدأت تحميل نحو 700 ألف برميل من الخام.
إلى ذلك، قال الرئيس السابق لشركة «بي بي» النفطية، توني هايوارد، إن ضعف أسعار النفط سيقود إلى اندماجات في القطاع، ولكن عودة السوق إلى الصعود قد تأتي أسرع كثيراً من التوقعات، في ضوء خروج قدر هائل من رأس المال والقوى العاملة من القطاع.
وقال في قمة «فايننشال تايمز» للسلع الأولية: «الإجراءات التي يتّخذها القطاع لخفض الاستثمار الرأسمالي، تمهّد لموجة الصعود التالية في السوق (…) بلغت إمدادات النفط الصخري في الولايات المتحدة ذروتها أسرع من التوقعات (…) تقوّضت سلسلة الإمدادات في الولايات المتحدة (…) ستستغرق عودة النشاط سنوات عدة». وشبّه التطورات الحالية بالوضع في نهاية التسعينات، عندما خفّضت شركات النفط الاستثمارات في ما أطلق في نهاية الأمر موجة صعود دفعت الأسعار إلى مستويات قياسية في 2003 – 2007.
وقال: «سيحدث دمج في كردستان بقدر ما سيحدث في مناطق أخرى. قد ننشط في دمج نشاطات أخرى بنشاطاتنا، وقد نندمج نحن مع نشاطات أخرى. يمكننا القيام بأي من الدورين». وعلى رغم أن قطاع النفط سيشهد موجة من الدمج، إلا أنه استبعد تكرار صفقات كبرى مثل استحواذ «رويال داتش شل» على «بي جي» بصفقة قيمتها 70 بليون دولار.
وفي القمة ذاتها، قال الرئيس التنفيذي لشركة «جينيل إنرجي»، توني هايوارد، إن ضعف أسعار النفط سيقود إلى اندماجات في قطاع النفط في كردستان العراق، وإن «جينيل» قد تنفّذ عمليات استحواذ، ولكن قد تصبح هي نفسها هدفاً لعملية استحواذ. وأبلغ القمة أنه ربما يتنحى عن منصبه بحلول نهاية العام الحالي، لكي يتولى منصب رئيس مجلس إدارة الشركة. ووفقاً لتقديراته، بلغ إجمالي صادرات كردستان 650 ألف برميل يومياً، وسيظل عند هذا المستوى في الشهور المقبلة.
وقال المؤسس رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لمجموعة «بيرا إنرجي»، غاري روس، إن «أسعار النفط العالمية سترتفع بدرجة كبيرة في الشهور المقبلة، بعدما بلغت قبل أسابيع القاع في موجة هبوط استمرت شهوراً طويلة»، وإن ضغوطاً على إمدادات المعروض تلوح في الصيف المقبل.
وأضاف في حديث إلى وكالة «رويترز»: «سحر السعر سبّب عودة سريعة للطلب العالمي على النفط، وأدى إلى انهيار حاد مفاجئ في عدد منصات الحفر العاملة في الولايات المتحدة، في شكل قد يكون تغييره أصعب مما يتوقعه كثر». وتابع: «ركّز العالم في الشهور الستة الماضية على التخلّص من المعروض (…) ستتغير هذه العقلية تدريجاً، وعليهم أن يبدأوا التفكير في تكوين إمدادات مرة أخرى، وهذا سيترجم إلى أسعار أعلى كثيراً من أسعار اليوم».