وصلت إلى الجولان المحتل ليلة أمس، عبر معبر الأردن، السيدة كندا عبود من سوريا، في رحلة بدأت قبل عشرين يوماً من مطار دمشق الدولي وصولاً إلى العاصمة الأردنية عمان، حيث كان بانتظارها وطفليها زوجها كليم نايف هاني أبو صالح من بلدة مجدل شمس.
لقاء العائلة مع الأهل في الجولان المحتل هو تتويج لرحلة طويلة من الطلبات والواسطات والإجراءات الورقية والقانونية والإدارية والمالية الباهضة، والسفريات الشاقة بين تل ابيب والقدس وعمان، وتنسيقات دولية بين الصليب الأحمر والأمم المتحدة والسلطات السورية والإسرائيلية لجمع شمل العائلة التي عاشت في دمشق والجولان سلسلة طويلة من الآلام والأوجاع النفسية والمعنوية والمالية والجسدية. وخاض الزوجان مع أولادهما حياة في عالمين مختلفين، أحدهما يعيش تحت رحمة القذائف والطائرات “والموت الطائش” في بلد تحرق النيران فيه أبناءه، والآخر يعيش في ترقب وانتظار واستعداد لمواجهة لهيب الحرب الممتدة حتى داخل النفوس في الأرض المحتلة….
جرح جولاني قديم سببته سنوات الصراع الوطني مع الاحتلال يندمل اليوم. وفي ظل هذا الموت الجاثم فوق الوطن يتحول الجرح إلى مآسٍ إنسانية سببتها هذه الحرب المجنونة في كل أنحاء الوطن السوري.. فيتحول الجرح الجولاني تحت الاحتلال، كما المأساة والتراجيديا السورية بأكملها، امرأ روتينيا واعتياديا في ظل الاستهتار الرخيص والتغاضي عن جرائم هذا الحرب بحق السوريين.
ثمانية عشر عاماً مضت منذ أن غادر كليم أبو صالح الجولان المحتل، متوجها الى دمشق لاستكمال دراسته، حيث تعرف خلالها على صديقته التي ستصبح فيما بعد شريكة حياته وزوجته كندا عبود، ويقرران العيش معاً هناك، بعد تخرجه من معهد الفنون الموسيقية في دمشق. وأسوة بالعديد من أبناء الجولان قرر الزوجان أن يبدءا حياتهما هناك في دمشق، بعد ولادة ابنهما البكر ونجاح كليم في حياته المهنية في التدريب الموسيقي. ولكن للأقدار نصيبها في الحياة، حيث تعرض كليم إلى حالة مرضية خطيرة أجبرته على العودة إلى مجدل شمس ليقوم بترتيب الأوراق المطلوبة لجمع شمل العائلة في الجولان المحتل في العام 2008. الا ان البيروقراطية و الأوضاع السياسية والأمنية بين سوريا وإسرائيل جعلت قضية جمع الشمل مستحيلة، خاصة وان زوجته كانت حاملا بابنه الثاني، فقرر أن يعود بصفة طالب إلى دمشق، مدركا كم كان بعيدا بين أهله وهو بينهم عن عائلته هناك، وكم سيكون منفيا مع عائلته هناك عن أهله هنا، فخاطر في حياته وعلاجه ووضعه الصحي ليبقى هناك حيث تسكنه أحلام زوجته وأطفاله…
وقبل ان يستكمل وعيه هناك، غاب الوعي البشري كله عن سوريا، قبل أكثر من ثلاثة أعوام ونصف، فيقرر بعد ضغوطات صحية وعلاجية وأمنية وعائلية العودة إلى الجولان لينضم الى جهود أولئك” الجنود المجهولين” الذين تابعوا قضيته لجمع شمل عائلته من الأهل والإخوة واقرب الأصدقاء الى قلبه ووعيه، فيعود قبل عدة أشهر حاملاً في داخله قهراً ولوعة وشوقاً على من تركهم هناك من فلذة الكبد وروح الفؤاد، حتى لاح الأمل أمامه من جديد، ونال كل الموافقات الأمنية، الإسرائيلية والسورية، ومصادقة الجهات الدولية في الصليب الأحمر والأمم المتحدة لجمع شمل عائلته عبر معبر مدينة القنيطرة، قبل انسحاب القوات النظامية منه بفترة وجيزة وسيطرة قوات المعارضة عليه، فسقطت الدولة الرسمية هناك وسقط معها الأمل ثانية، وتناثرت الأوراق الأمنية بين أروقة المكاتب الحكومية بين دمشق وتل ابيب…
كان لا بد من المغادرة.. فالزوج وقد خانه الجسد، والنصف الآخر منه هناك في الوطن قد خانه الأمن والآمان والدفء والاستقرار وضمان العيش الكريم في وطن كان موطنا للإنسان الأول، فكان قرار المغادرة صعبا وخطيراً، وترك الأهل والذكريات والأصدقاء والمدرسة ودكانة البقال قاسياً.. لكن البقاء هناك أشد صعوبة وأكثر خطورة. نيران الحرب من جهة وصدر الزوج والأب الموجوع والتصاريح الأمنية الإسرائيلية والأردنية من جهة أخرى… كان القرار هو العودة من الوطن الى الوطن، كعودة تدفق الدم والأكسجين الى الشريان التاجي الذي يغذي عضلة القلب التي تنتظر كليم وبجانبه زوجته وأبناؤه، لا رعبهم وخوفهم ودموعهم الحارقة عبر الهاتف وشاشة الكمبيوتر…
.
إضغط هنا لمشاهدة المزيد من الصور
.
الحمدلله على السلامه وعقبال ما يلم الشمل بباقي الاسر الموجوعه على فراق الاحباب والاقارب
وأخيرا … الحمدلله على جمع الشمل وعقبال كل العاوزين
الف حمدالله على السلامي عبقول نورت المجدل والله
أجمل خبر لهذا العام!
ألف مبروك وعقبال لم شمل الجميع