روسيا تسرع سحب قواتها من سوريا

سرع الكرملين سحب القطعات العسكرية ووصلت إلى نحو نصف ما كانت عليه في سورية. واستمرت أمس المفاوضات في جنيف وسط تمسك المعارضة بتشكيل «هيئة انتقالية» ورفض «أي ترتيبات مستقبلية» للأسد. وبدأ أكراد سوريون خطوات لتأسيس فيديرالية في سورية.

وواصلت موسكو لليوم التالي سحب قطعاتها العسكرية. وأظهرت حسابات لـ «رويترز» أن أقل بقليل من نصف القوة الجوية الروسية الضاربة في سورية، غادرها خلال اليومين الماضيين، فيما يشير إلى أن الكرملين يسرع وتيرة انسحابه الجزئي.

ووصلت أمس الدفعة الثانية من المقاتلات الروسية العائدة من سورية، وضمت سرب طائرات من طراز «سوخوي 25» وطائرة شحن عسكرية ضخمة من طراز «يوشين 76». وقالت وزارة الدفاع أن عملية الانسحاب تجري وفق خطة موضوعة، من دون أن تحدد عدد الطائرات والقطع التي تم سحبها، وتلك التي تستعد لمغادرة الأراضي السورية، بينما أشارت تقارير إلى أن موسكو سحبت خلال اليومين الماضيين نصف العدد الإجمالي لطائراتها المشاركة في العملية العسكرية، وكانت موسكو أعلنت في وقت سابق أنها أرسلت 50 مقاتلة من طرازات مختلفة إلى سورية، لكن هذا الرقم لا يشمل المروحيات وطائرات التجسس من دون طيار.

وأعلن الكرملين أن المحادثات الروسية – الأميركية المنتظرة الأسبوع المقبل ستركز على الملف السوري. وينتظر أن يلتقي وزير الخارجية الأميركي جون كيري الرئيس بوتين ونظيره الروسي سيرغي لافروف. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف «أن موسكو وواشنطن تحصران اهتمامهما في الوقت الراهن على المسار السياسي». وعلق بيسكوف على تصريح مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان عن احتمال إعادة القوات الروسية إلى سورية بالقول: «بعيداً عن التكهنات في هذا الموضوع القرار بيد الرئيس الروسي وحده».

وقالت الناطقة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا إن الانسحاب «لن يضعف الأسد»، لكنها شددت أن «روسيا لم تدعم أحداً في سورية، وهي عززت فقط موقف الجيش السوري الرسمي ضد المجموعات الإرهابية، وبذلك كانت تحمي مصالحها الخاصة ولم تدافع عن مصالح أطراف ثالثة».

في بغداد، قال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند إن بلاده غير متأكدة من جدية الانسحاب الروسي. وأضاف: «رأينا من قبل في أوكرانيا روسيا تتحدث عن انسحاب ويتبين بعد ذلك أنه مجرد تناوب بين القوات».

وواصل المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا لقاءاته مع الأطراف السورية في جنيف، بلقائه للمرة الثانية وفد الحكومة برئاسة بشار الجعفري وممثلين من شخصيات معارضة. وحصلت «الحياة» على مسودة الوثيقة التي تقع في أربع صفحات ووضعتها «الهيئة التفاوضية العليا» المعارضة أساساً لموقفها التفاوضي وللوثيقة التي ستقدمها إلى دي ميستورا الاثنين المقبل. وأكدت التمسك بتشكيل هيئة انتقالية ضمن برنامج زمني و «رفض أي ترتيبات مقبلة سواء في المرحلة الانتقالية أو بعدها للأسد» مع التمسك بـ «إعادة هيكلة وتفكيك» بعض مؤسسات الجيش والأمن.

وإذ تؤكد الوثيقة على مبدأ اللامركزية في سورية، تتجه أحزاب كردية بعد انتهاء اجتماع بدأ أمس، إلى إعلان النظام الفيديرالي في المناطق الواقعة تحت سيطرة الأكراد. وقال سيهانوك ديبو، مستشار الرئاسة المشتركة في «حزب الاتحاد الديموقراطي» أن المشاركين «يبحثون اليوم (أمس) شكل النظام في روج آفا (غرب كردستان) وشمال سورية»، مؤكداً أن «جميع المقترحات الأولية تصب في خانة الفيديرالية».

إلى ذلك، أعلنت مؤسسة «أي أتش أس جاينز» في لندن، أن تنظيم «داعش» خسر بين الأول من كانون الثاني (يناير) 2015 و14 آذار (مارس) 2016، 22 في المئة من الأراضي التي كان يسيطر عليها في سورية العراق.

في غضون ذلك، قال رئيس «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» أنس العبدة، لـ«الحياة»، إن عملية التفاوض في جنيف تسير إيجابياً بعد قرار الانسحاب العسكري الروسي. وأعرب عن أمله بأن يكون «انسحاباً كاملاً قريباً». وأضاف أن القرار الروسي «انعكس إيجاباً على أجواء المفاوضات، وعلى طبيعة النقاشات والمحادثات القائمة، وخصوصاً باتجاه عملية الانتقال السياسي التي تعتبر لب العملية التفاوضية». ولفت إلى أن «وفد المعارضة استفاد من الأجواء الإيجابية بطرح مقترحه في ما يتعلق بالانتقال السياسي الذي يتلاءم بشكل كامل مع محددات بيان جنيف، وقرارات مجلس الأمن».

وأكد العبدة أن هناك تغييراً نوعياً إقليمياً ودولياً تجاه احتمال الحل السياسي في سورية، داعياً إلى استغلال هذا التغيير من أجل حقن الدماء و «الوصول إلى حل سياسي عادل».

وعن إعلان الأكراد السوريين النظام الاتحادي لمناطق سيطرتهم شمال سورية، قال العبدة: «قلنا بشكل واضح أن أحد أهم ثوابت الثورة هي وحدة سورية أرضاً وشعباً، فأي حل يؤثر في ذلك غير مقبول». وتابع: «الأهم من ذلك التوقيت الذي جاء فيه هذا التصريح في بداية العملية التفاوضية في جنيف، فهو يدل على محاولة حقيقة للتأثير سلباً في العملية التفاوضية، وربما محاولة إفشالها، لأن ما يتم الحديث عنه له علاقة مباشرة بالعملية التفاوضية، ربما جاءت بأوامر من إيران أو النظام».

وفي الإطار ذاته، قال المتحدث باسم حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي جوان مصطفى: «إن مسؤولي المكونات والفصائل الكردية الموجودة شمال سورية كافة، التقت في اجتماع جامع (مجلس) الأربعاء لإقرار فيديرالية شمال سورية». وأوضح لـ «الحياة» أن الاجتماع «سينبثق عنه إطلاق إطار سياسي معين للمنطقة التي تسيطر عليها القوات السورية الديموقراطية في شمال سورية»، مشدداً على «أن الحل الأمثل لمستقبل سورية بعد أزمتها هو الحل الفيديرالي».

+ -
.