وسّعت موسكو أمس دائرة اتصالاتها مع أطراف المعارضة السورية لضمان نجاح مفاوضات آستانة في ٢٣ الشهر الجاري والتي ستقتصر على ممثلي الجيش السوري وفصائل المعارضة المسلحة تمهيداً لمفاوضات سياسية في جنيف في ٨ الشهر المقبل للبحث في خريطة طريق تتضمن تشكيل «حكومة وفاق وطني» ومجلس عسكري مشترك لتنفيذ القرار ٢٢٥٤.
وعلم أن مسؤولين روساً اجتمعوا في أنقرة أمس مع قادة وممثلي فصائل مسلحة إضافة إلى مسؤولين في «الحكومة الموقتة» التابعة للمعارضة وقياديين سياسيين بينهم نصر الحريري، بالتزامن مع محادثات أجراها نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في موسكو مع ضباط منشقين بينهم العميد مصطفى الشيخ.
وكان لافتاً أمس، إعلان الحكومة السورية التوصل إلى اتفاق مع الفصائل المقاتلة ينص على دخول الجيش منطقة وادي بردى، تمهيداً لانتقال ورش الصيانة لإصلاح الضرر اللاحق بمضخات المياه إلى دمشق. وفيما نقلت «فرانس برس» عن الفصائل نفيها التوصل إلى أي اتفاق في وادي بردى، أكد مصدر ميداني في المنطقة استعداد مئات المدنيين للمغادرة. ونقلت وكالة «سانا» عن محافظ ريف دمشق علاء إبراهيم، أن «الاتفاق المبدئي الذي تم التوصل إليه يقضي بتسليم المسلحين أسلحتهم الثقيلة وخروج المسلحين الغرباء من منطقة وادي بردى» ثم دخول الجيش إلى المنطقة «لتطهيرها من الألغام والعبوات الناسفة» وكذلك دخول ورشات الصيانة والإصلاح إلى عين الفيجة لإعادة المياه المقطوعة عن دمشق منذ 22 الشهر الماضي.
سياسياً، قالت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، إن موسكو تجري اتصالات مكثفة مع طهران وأنقرة وبتنسيق مع الحكومة السورية لتحديد الأطراف التي ستشارك في اجتماع آستانة في 23 الجاري. وأكدت لـ «الحياة» أن «النشاط الجاري لم يتوقف في أي لحظة»، ونفت صحة معطيات تحدثت عن احتمال تأجيل موعد اللقاء على خلفية تطورات الوضع الميداني في سورية، مؤكدة أن «حتى الآن الموعد المحدد هو 23 كانون الثاني (يناير)، ويجري العمل للالتزام به». ورجحت زاخاروفا أن يكون حضور الأطراف الراعية على مستوى الخبراء، مؤكدة أن الدعوة ستوجه أيضاً إلى المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا. وجددت التشديد على أن مفاوضات آستانة «لن تكون بديلاً من مسار جنيف، لكنها تشكل حلقة لإنجاح التسوية». واتهمت أطرافاً لم تحددها بـ «العمل بشكل نشط لتخريب جهود روسيا وتعطيل عقد اللقاء المنتظر في آستانة»، في إشارة غير مباشرة إلى الإدارة الأميركية المنتهية ولايتها التي قالت عنها إنها «تعمل كل ما بوسعها لعرقلة التقدم».
وتجنبت زاخاروفا تقديم رد مباشر على سؤال حول تغيير موقف موسكو حيال الوضع في ريف دمشق، خصوصاً أن هذه المنطقة كانت مشمولة في اتفاق وقف النار، الذي تضمن روسيا وتركيا تطبيقه. وقالت إن الاتفاق لا يتحدث عن مناطق جغرافية بل عن فصائل مسلحة انضمت إليه ويشملها وقف النار، أما «الفصائل التي لا تعلن انضمامها فهي ليست مشمولة والمعارك معها متواصلة».
في غضون ذلك، علمت «الحياة» أن الخارجية الروسية أبلغت معارضين سوريين أجرت حوارات معهم أخيراً أنها لا تؤيد المطلب التركي بخروج عناصر «حزب الله» من سورية. ووفق معطيات، فإن مسؤولاً بارزاً في الوزارة قال لمحاوريه من جانب المعارضة إن «ثمة مجموعات موجودة في سورية بشكل غير شرعي ومن دون طلب من الحكومة، فكيف يمكن أن نطلب من أطراف دعتها الحكومة أن تغادر؟». إلى ذلك، نقلت وكالة «سبوتنيك» الرسمية الروسية عن مصدر سوري معارض قريب من موسكو، أن لقاء آستانة سيكون مقتصراً على فصائل عسكرية ولن تشارك فيه قوى سياسية. مشيراً إلى أنه يهدف إلى الاتفاق على آليات تثبيت وقف النار ونقل الملف السياسي إلى جنيف حيث سينضم «الوفد العسكري» إلى الوفد السياسي الذي يمثل المعارضة.
ويتوقع أن تمهد مفاوضات آستانة لانعقاد مفاوضات «جنيف» في ٨ الشهر المقبل بين ممثلي الحكومة و «وفد موحد» من المعارضة تلعب «الهيئة التفاوضية العليا» دوراً قيادياً فيه، لبحث خريطة طريق تشمل مجلساً عسكرياً مشتركاً برئاسة شخصية مقبولة تنظم السلاح وتوحّد البندقية ضد الإرهاب و «حكومة وفاق وطني» برئاسة شخصية مقبولة تمهّد لدستور جديد تجرى بموجبه انتخابات محلية وبرلمانية مبكرة و «ربما» رئاسية.