تعم أجواء من الإحباط والرعب أوساط العرب داخل إسرائيل، بسبب فوضى السلاح غير المرخص واستشراء العنف بأشكاله في بلداتهم، ما أودى منذ مطلع العام بحياة ثلاث شابات على خلفية ما يسمى شرف العائلة، كما أودى بحياة 13 شاباً عربياً، أربعة منهم في الأيام الأربعة الأخيرة قتلوا كغيرهم بالرصاص الحي في أعقاب مناوشات عادية تطورت قتالاً وقتلاً، فيما شهدت قرية كفر مندا قضاء الناصرة ليل الأربعاء – الخميس حرباً حقيقية بالأسلحة الثقيلة بين متنافسين على رئاسة السلطة المحلية.
وأضحت حوادث إطلاق النار وإلقاء قنابل يدويّة وعمليات طعن وحرق مؤسّسات أو بيوت أو سيّارات، ظاهرة يومية. وأكدت إحصاءات رسمية أن نسبة المدانين العرب بارتكاب جرائم قتل في إسرائيل تبلغ نحو 60 في المئة، فيما نسبتهم من السكان تشكل 20 في المئة.
وفيما يعزو قادة العرب اتساع ظاهرة العنف إلى تقاعس الشرطة الإسرائيلية في ضبط فوضى السلاح غير المرخص المنتشر بكثرة، يوجه مواطنون اللوم إلى القيادة ذاتها بداعي عجزها عن محاربة الظاهرة وبلورة خطة لمواجهتها.
ويتهم قادة المجتمع الفلسطيني في الداخل الشرطة باللا مبالاة حيال ما يحصل مع علمها بانتشار عشرات آلاف قطع السلاح غير المرخص بين أيادي العرب، من دون التحرك بجدية لجمعه «طالما لا يُستخدَم ضد اليهود أو على نحو يهدد أمن الدولة، وطالما أن الضحايا عرب»، وفق رئيس القائمة المشتركة النائب أيمن عودة.
وأوضح البروفسور في علم النفس مروان دويري لـ «الحياة» أن المجتمع العربي في إسرائيل يعيش مرحلة جديدة ارتفع فيها «العنف الطائش»، خصوصاً لدى الشباب. ويشير إلى أن العنف لدى العرب كثيراً ما يتخذ طابعاً حمائلياً وَ/أو طائفياً وَ/أو سياسياً يتحوّل أحياناً إلى صولات وجولات دمويّة، عازياً ذلك إلى تراجُع سلطة الأهل والمعلّمين وثقافة العنف الواردة في أفلام العنف والفقر والبطالة وتَردّي الأوضاع الاجتماعيّة وتقاعُس الشرطة وغيرها من العوامل.
وبرأيه، يتخبط المجتمع اليوم بين مرجعيات مختلفة تكون متضاربة أحياناً، من مرجعيات تقليديّة دينيّة و»المرجعية الإسرائيليّة التي نتأثّر بمُناخها الثقافي والقيمي»، وفردانية ليبرالية آتية من الغرب من خلال وسائل الإعلام والاتصال المختلفة، و»كل مرجعية من هذه تُشرّع أنواعاً من العنف». وأشار إلى أن حالة العنف ليست في معزل عن الحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية أيضاً، «مثل استمرار التمييز القومي والفقر، ما يجعل حياة العربي مشحونة بالإحباط والغضب، فتتهيأ أرض خصبة للعنف والانحراف من جهة، ومن جهة أخرى فإننا نتأثّر بقِيَم القوّة والغطرسة وانتهاك حقوق غير السائدة في إسرائيل، وبالتالي نتشرّب هذه القيم في مواجهتنا مع المجتمع الإسرائيلي وفي مجتمعنا».