في مثل هذا اليوم قبل 57 عاماً، أرسل الاتحاد السوفياتي (سابقاً) الكلبة لايكا إلى الفضاء داخل مركبة “سبوتنيك 2” لتدفع حياتها ثمناً لتمهيد طريق الفضاء أمام الإنسان. وأعد السوفيات هذه العملية لمناسبة احياء الذكرى الأربعين للثورة البلشفية الشيوعية، ولكن السبب الأهم كان اثبات التفوق التكنولوجي للاتحاد السوفياتي على منافسه الأميركي عبر محاولة اكتشاف ما إذا كان الكائن الحي قادراً على تحمل البقاء في الفضاء.
وكانت الكلبة تدعى كودريافكا (تعني مجعدة بالروسية) إلا أنها اشتهرت في ما بعد باسم “لايكا” (النباحة) الذي يطلق على كلاب الصيد في سيبيريا. واختيرت لايكا من بين العديد من الكلاب المدربة قبل عملية الإطلاق بأشهر عدة، بعد اجتيازها تدريباً يهدف إلى قياس قدرة الحفاظ على الهدوء في أقفاص ضيقة لمدة ثلاثة أسابيع. وتميزت لايكا، التي كانت تبلغ من العمر عامين، عن منافسيها برباطة جأشها.
وتركت لايكا الأرض في رحلة بلا عودة بعد أن وضعت أمام آلة تصوير مرتدية سترة مجهزة بمعدات لرصد معدل نبضات القلب وضغط الدم والتنفس.
واستنادا إلى المعلومات الرسمية، فان لايكا تحملت رحلتها جيداً حتى ارتفاع ألف وستمائة كلم، إلا أنها فارقت الحياة بطريقة غامضة مع إعلان نجاح المهمة التي يفترض أنها استمرت من سبعة إلى عشرة أيام.
وظهر العديد من النظريات المبررة لوفاة لايكا، اذ قيل إنها رحلت بسلام بعد تناول سم أضيف إلى وجبتها الأخيرة في حين رأى البعض أن نقص مخزون الاوكسيجين كان السبب. ولم يعرف السبب الحقيقي إلا بعد 45 عاماً عن طريق ديميتري مالاشينكو، الباحث في معهد الطب الحيوي في موسكو وأحد مسؤولي الرحلة الذي قال في مؤتمر بشأن الفضاء في الولايات المتحدة العام 2002، إن لايكا ماتت بعد انطلاق المركبة بساعات بسبب ارتفاع درجة الحرارة داخل الحجرة عند الدخول المداري.
وأفادت التقارير أن درجة حرارة المقصورة بلغت 41 درجة مئوية بدلا من 15، جراء مشكلة تقنية نتيجة انتزاع جزء من العازل الحراري للمركبة خلال انفصال صاروخ الإطلاق عنها. وبعد خمس ساعات من الإقلاع لم تصدر عن لايكا إي إشارة تفيد بأنها على قيد الحياة. واستمرت مقبرة لايكا الفضائية تدور حول الأرض حتى 14 أغسطس (آب) 1958 قبل أن تفنى في الطبقات الكثيفة للغلاف الجوي.
ومن الناحية الأخلاقية، لم يعترض أحد على التجربة لفترة طويلة، اذ أظهرت بعض قصائص الصحف من العام 1957 أن الصحافة كانت مهتمة في ذلك الوقت بإبراز وجهة النظر السياسية والتنافس بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة، أما صحة لايكا، فلم تكن موضع اهتمام كبير للعامة. واستمر هذا الأمر لفترة قبل أن تبرز بعض المحادثات بشأن مصير الكلبة التي كان مقدّراً لها الموت منذ البداية إذ أن “سبوتنك 2” لم تكن مصممة كي ترجع.
وهكذا دفعت الكلبة لايكا حياتها ثمنا لتيسير الطريق بين سكان الأرض والقمر، حتى توافرت معلومات كافية لإرسال أول إنسان إلى الفضاء. وكشفت روسيا في 11 أبريل (نيسان) 2008 عن نصب تذكاري صغير للايكا في شكل كلبة تقف على قمة صاروخ. وبني النصب بجانب مرفق الأبحاث العسكرية في موسكو الذي أعد رحلتها إلى الفضاء.