مجازر إسرائيلية متنقلة و«حماس» لحزمة متكاملة

في اليوم الخامس للتصعيد ضد غزة، تواصلت المواجهة بين حركة «حماس» وإسرائيل التي واصلت ارتكاب مجازر متنقلة في أرجاء قطاع غزة، وفي الوقت نفسه الاستعداد لحرب برية محتملة في ضوء فشل الوساطات للتهدئة. وعلمت «الحياة» أن «حماس» رفضت عرضاً إسرائيلياً يعيد معادلة «الهدوء مقابل الهدوء» من دون العودة الى اتفاق التهدئة لعام 2012، وهو الاتفاق الذي اعتبرت حركة «الجهاد الإسلامي» أنه عفا عليه الزمن. بموازاة ذلك، تسارعت التحركات الديبلوماسية لوقف التصعيد، وفيما دعا مجلس الأمن إلى وقف للنار واحترام القانون الإنساني الدولي، أعلنت بريطانيا أنها ستثير هذه القضية مع أميركا وفرنسا وألمانيا على هامش الاجتماع الخاص بالنووي الإيراني في فيينا اليوم. (للمزيد)

وكشفت مصادر في «حماس» لـ «الحياة» أن الحركة رفضت عرضاً إسرائيلياً يقوم على «الهدوء مقابل الهدوء»، وطلبت من كل من قطر وتركيا التدخل للبحث في اتفاق اطلاق النار. وتمسكت بحزمة متكاملة تتضمن وقفاً إسرائيلياً للنار، وتطبيق اتفاق تهدئة عام 2012، وإطلاق الأسرى الذين اعتقلوا أخيراً بمن فيهم المحررين في صفقة التبادل.

غير أن «الجهاد» كان لها موقف مختلف من التهدئة، إذ أكد نائبها الأمين العام زياد النخالة لـ «الحياة» أن «اتفاق وقف النار لعام 2012 أصبح خلف ظهورنا وعفا عليه الزمن كون الإسرائيلي لم يلتزمه»، مشيراً أيضاً إلى معطيات ومتغيرات ستفرض معادلة جديدة. وأضاف: «لا توجد حتى الآن أي اتصالات جدية في خصوص التهدئة، وكل ما يشاع عن تهدئة حديث إعلامي».

وفي نيويورك، أعرب مجلس الأمن عن القلق الجدي تجاه الأزمة المتعلقة بغزة وحماية المدنيين من الجانبين. ودعا إلى «نزع فتيل (التوتر) وعودة الهدوء وتثبيت اتفاق وقف النار لعام 2012»، وإلى «احترام القوانين الإنسانية الدولية، بما فيه حماية المدنيين». كما أعرب عن دعمه استئناف المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين بهدف التوصل إلى اتفاق سلام شامل على أساس حل الدولتين.

وصرح السفير السعودي بصفته رئيس مجموعة منظمة التعاون الاسلامي في الأمم المتحدة عبدالله المعلمي، بأن البيان لا يرقى إلى ما هو مطلوب في ظل فظاعة ما يحدث من عدوان على غزة، وأنه ما لم تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية، فإن السفراء العرب سيعودون إلى مجلس الأمن.

من جانبه، قال المندوب الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور: «كنا نتطلع إلى إدانة صريحة لإسرائيل، وحماية دولية للفلسطينيين»، مضيفاً أن مشروع القرار العربي المدعوم من المجموعات الإقليمية ما زال موجوداً بانتظار المستجدات الميدانية، مضيفاً أنه لولا مشروع القرار العربي لما تم التوصل إلى هذا البيان.

وكان منصور يشير إلى المفاوضات الصعبة التي سبقت الاتفاق على البيان الرئاسي، إذ بعد إجهاض مشروع بيان تقدم به الأردن، العضو الوحيد في المجلس، أول من أمس، تحركت المجموعة العربية بمشروع قرار يدين الاعتداءات ضد المدنيين والإرهاب، ويدعو إلى وقف للنار فوري ودائم، كما يدعو جميع الأطراف إلى التزام القانون الإنساني الدولي، والأسرة الدولية إلى حشد الجهود للدفع نحو تنفيذ حل الدولتين. واستمرت المفاوضات أول من أمس في الأمم المتحدة وواشنطن وعواصم أخرى حتى التوصل الى البيان الرئاسي الذي جاء بمثابة حل وسط.

وفي إطار التحركات الغربية للتهدئة، أعلن وزير الخارجية البريطاني وليان هيغ في بيان: «نحتاج إلى تحرك دولي عاجل ومنسق بهدف إرساء وقف النار كما حصل عام 2012. سأبحث هذا الأمر مع (نظرائي الأميركي) جون كيري و(الفرنسي) لوران فابيوس و(الألماني) فرانك فالتر شتاينماير غداً (الأحد) في فيينا». وقال إنه «شدد على الحاجة الى نزع فوري لفتيل التصعيد وإحياء وقف النار الذي لعام 2012» خلال تشاوره هاتفياً أمس مع نظيره الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان والرئيس محمود عباس.

كما بحث مبعوث اللجنة الرباعية الدولية توني بلير التصعيد في غزة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي حذر خلال اللقاء من «مخاطر التصعيد العسكري، وما سيسفر عنه من ضحايا من المدنيين الأبرياء» في غزة.

ومن المقرر أن يعقد وزراء الخارجية العرب في الجامعة العربية اجتماعاً طارئاً مساء غد لمناقشة الوضع في القطاع.

ميدانياً، تتواصل الاستعدادات الإسرائيلية لهجوم بري على القطاع، إذ أعلن الجيش تعبئة نحو 30 ألفاً من جنود الاحتياط، ونشر بطارية ثامنة من منظومة «القبة الحديد» لاعتراض الصواريخ، وقال: «نستعد للمراحل التالية في العملية، كي تكون القوات جاهزة لدخول الميدان».

وارتفع عدد الشهداء إلى نحو 130، والمصابين الى نحو 950، من بينهم عشرات في حال الخطر الشديد منذ بدء العدوان، فيما أصابت الغارات مركزاً للمعوقين ومسجداً. في المقابل، استؤنف إطلاق الصواريخ على إسرائيل بعد ظهر أمس حين تم استهدافها بـ 34 صاروخاً. ومساء أمس سمعت صافرات الإنذار في منطقة القدس، وقالت ناطقة عسكرية إن «صاروخاً سقط في منطقة الخليل على بعد 30 كيلومتراً من القدس فيما سقط صاروخان في منطقة بيت لحم». وسبق ذلك إطلاق صاروخ على ديمونا حيث المفاعل النووي، وقصف سيارة عسكرية بقذيفة «كورنيت» ليل الجمعة – السبت.

وشهدت مدن الضفة الغربية تظاهرات مناهضة لإسرائيل، كما وقعت مواجهات محدودة ليل الجمعة – السبت مع جنود، خصوصا عند معبر قلنديا الفاصل بين القدس والضفة، والذي هاجمه شبان بالألعاب النارية، ما تسبب في إشعال النيران في قسم منه وإغلاقه.

+ -
.