في فصل الصيف تزداد متاعب المصابين ببعض الأمراض نتيجة ارتفاع حرارة الجو وزيادة درجة الرطوبة والتعرق والجفاف والتقلبات الحاصلة في التيارات الهوائية وفي العادات الغذائية.
ويعتبر مرضى القلب والدورة الدموية من أكثر الفئات تعرضاً لمتاعب الصيف نظراً إلى ما يسببه ارتفاع حرارة الجو من قلق وتوتر وشعور بعدم الراحة، الأمر الذي يثير زوبعة من التغيرات الهرمونية والكيماوية والفيزيولوجــية التي ترغم القلب على زيادة وتيرة ضرباته ما يترك عبئاً ثقيلاً عليه وعلى الدورة الدموية.
إن ارتفاع حرارة الجو يُحدث تمدداً في الأوعية الدموية فتزداد بالتالي كمية الدم الواصلة إلى القلب ما يؤدي إلى زيادة عمله ومتطلباته من الغذاء والأوكسيجين، وهذا الوضع يستطيع صاحب القلب السليم أن يتحمله بسهولة، أما إذا كان القلب عليلاً، فكان الله في عونه لأنه لا يتمتع بالكفاءة نفسها التي توجد في القلب السليم. كذلك يؤدي ارتفاع الحرارة إلى إرغام الجسم على طرح المزيد من العرق وإلى توسّع في الشرايين لترطيب الجلد والمحافظة على درجة حرارة الجسم، ومع زيادة تصبب العرق، يفقد الجسم ماء كثيراً يجر معه حفنة من المعادن، من بينها البوتاسيوم والصوديوم الضروريان جداً لعمل العضلة القلبية، من هنا فإن نقص الماء والأملاح المعدنية يؤثر على وظيفتي القلب والكلى. وتجدر الإشارة هنا إلى أن التعرق الغزير يجعل الجسم يفقد كميات كبيرة من السوائل ما يزيد من لزوجة الدم ويجعله أكثر عرضة للإصابة بالجلطات.
وليس مرضى القلب الكبار وحدهم الذين يتأثرون بطقس الصيف، فالمرضى الأطفال أيضاً يعانون من الحر الشديد خلال هذا الفصل، خصوصاً الذين يشكون من اضطرابات دقات القلب.
نصل إلى بيت القصيد، ما هي النصائح التي يتوجب على مرضى القلب التقيد بها لتفادي المطبات الصحية في فصل الصيف؟
على مرضى القلب التقيد بالإرشادات الآتية:
– تجنب الأماكن الشديدة الحرارة والحرص على البقاء في الظل والأماكن المكيفة إذا كان ذلك ممكناً.
– عدم التعرض لأشعة الشمس المتوهجة الحارقة لأنها قد تصيب الشخص بالضربة الشمسية التي تحتاج إلى العلاج السريع والفوري للشخص العادي فكيف بمريض القلب والشرايين؟ وفق بعض البحوث العلمية، إن الضربة الشمسية يمكن أن تترك ضرراً بالغاً قد يكون قاتلاً لمريض القلب والشرايين وارتفاع ضغط الدم لأنها لا تؤثر على القلب وحسب بل على المخ أيضاً، لهذا يجب تجنب الضربة الشمسية بأي ثمن وعلاجها بسرعة فائقة في حال حصولها.
– شرب كميات وافية من الماء والسوائل والعصائر.
– تجنب أي جهد بدني خلال أوقات الحر الشديد.
– عدم الإفراط في تناول المشروبات المنبهة المحتوية على الكافيئين.
– ارتداء ملابس قطنية خفيفة وفضفاضة لتأمين التهوئة الجيدة للجسم وامتصاص العرق.
– ارتداء غطاء للرأس إذا كان العمل يتطلب الوقوف تحت الشمس.
– الحرص على تناول الوجبات الرئيسة مع بعض الوجبات الخفيفة، على أن يكون طعام الصيف سهل الهضم غنياً بالفواكه والخضروات التي تمد الجسم بالفيـــتامينات والمعادن ومضــادات الأكســدة، مع الإقلال من تناول البروتيــنات والمقــــلــــيات والمـــآكـــل الــمـــدهــــــــنــة والــثقـــــيلة والحلـــــويات والمربيات.
– استشارة الطبيب لوضع النقاط على حروف الوصفة الطبية المناسبة التي تعين المصاب على تجنب متاعب الصيف وتأثيراتها على الجسم عموماً وعلى القلب خصوصاً، وإذا كان المصاب مسافراً إلى أماكن بعيدة فحري به أن يصطحب معه ما يكفي من الأدوية الخاصة بعلاج مرضه والفحوص المختلفة المتعلقة به.
– العمل على تحقيق الهدوء النفسي والاستقرار العاطفي مع الابتعاد قدر الإمكان عن التوترات والانفعالات التي تضع أعباء لا لزوم لها على القلب.
– عدم الإجهاد وعدم حمل حقائب ثقيلة عند التوجه إلى محطات القطارات والطائرات وتجنب الازدحامات الشديدة التي تزيد من عناء القلب.
– الحذر من برودة الليل في المكان المقصود لأنها قد تتسبب بتقلص شرايين القلب فتندلع الأزمة القلبية بعوارضها المعروفة، خصوصاً الألم الصدري الذي ينتشر إلى الكتف والذراع والذقن. أيضاً قد تعرّض البرودة المريض لمشكلات صحية، مثل التهاب الشعب الهوائية والالتهابات الرئوية أو الرشوحات.
– تفادي ارتكاب بعض السلوكيات الخاطئة التي تزيد من وضع مريض القلب سوءاً، مثل النوم أمام نافذة المكيف أو بجوار المروحة أو في مواجهة التيار الهوائي، فهذه التصرفات قد تؤدي إلى الإصابة بالنزلات الصدرية والالتهابات الرئوية التي قد تخلف تداعيات مرهقة. أيضاً من السلوكيات المغلوطة التي قد يلجأ لها البعض، الامتناع عن شرب السوائل بكثرة من أجل تقليل التعرق وفقدان السوائل من دون أن يعوضها، فيقع المصاب في ورطة الجفاف الذي يجعل كل أعضاء الجسم تئن من وطأته، بما فيها القلب، فيكون المصاب في شيء فيقع تحت رحمة أشياء أخرى هو في غنى عنها. فعلى مرضى القلب أن يشربوا الماء خصوصاً إذا شعروا بالعطش.
– ممارسة الرياضات المناسبة بعيداً عن الإجهاد وعدم النزول إلى حوض السباحة أو إلى البحر إلا في الوقت الذي تكون فيه المياه دافئة لتجنب التعرض إلى صدمة البرودة. وإذا كان مريض القلب طفلاً فعلى ذويه حمايته من أي أضرار قد تلحق به، مثل ضرورة تجنب ممارسة الرياضة تحت وهج أشعة الشمس المباشرة، وكذلك عدم النزول إلى حمامات السباحة في شكل مفاجئ، بل من الأفضل أن يرش الطفل جسمه بالماء وينزل في شكل تدريجي قبل أن يغطي الماء كامل جسمه بهدف الحفاظ على الدورة الدموية لديه ووقايتها من تقلبات مفاجئة.
إن التقيد بهذه الإرشادات يسمح لمرضى القلب بقضاء إجازة صيفية حافلة بالفوائد الصحية والنفسية والجسدية من دون أن تعكر صفوها مضاعفات قد تكون من صنع أيدينا، فطقس الصيف يزورنا في كل عام بالمواصفات نفسها تقريباً من دون تغيير، وما علينا إلا أن نغير نحن سلوكياتنا وعاداتنا لنجعل أيام الصيف تحل علينا برداً وسلاماً.