نتائج المونديال تحدث انقلابا في تصنيف الـ«فيفا»

أحدثت نتائج المنتخبات المشاركة في بطولة كأس العالم 2014 التي أقيمت أخيرا بالبرازيل انقلابا في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الصادر أمس. واحتل المنتخب الألماني الفائز باللقب المركز الأول على حساب إسبانيا في تصنيف المنتخبات برصيد 1724 نقطة، وتلاه المنتخب الأرجنتيني الوصيف في المركز الثاني برصيد 1606 نقطة. وحقق المنتخب الهولندي قفزة هائلة، حيث تقدم 12 مركزا ليحتل المركز الثالث بالتصنيف بعد إحرازه برونزية كأس العالم بتغلبه على البلد المضيف البرازيل في مباراة تحديد المركز الثالث، والتي تراجعت إلى المركز السابع بعد أن كانت تحتل المركز الثالث في الترتيب العالمي. وتقدمت كل المنتخبات التي خرجت من دور الثمانية في ترتيبها، حيث تقدمت كولومبيا بأربعة مراكز لتحتل المركز الرابع، بينما تقدمت بلجيكا ستة أماكن لتحتل المركز الخامس. وحلت أوروغواي في المركز السادس. فيما تراجعت بطلة العالم السابقة إسبانيا التي احتكرت صدارة تصنيف الـ«فيفا» السابق وعلى مدار أربعة أعوام، إلى المركز الثامن. واحتلت سويسرا المركز التاسع، فيما أكملت فرنسا المراكز العشرة الأولى بتقدمها سبعة مراكز.

ومن التغيرات اللافتة للنظر في تصنيف الـ«فيفا»، تقدم كوستاريكا 12 مركزا لتحتل التصنيف السادس عشر، وهو أعلى ترتيب حصلت علية كوستاريكا على مدار تاريخها. كما تراجعت البرتغال سبعة أماكن لتحتل المركز الحادي عشر، فيما احتلت إيطاليا المركز الرابع عشر بتراجعها خمسة مراكز. وتراجعت إنجلترا أيضا عشرة مراكز لتحتل المركز العشرين. وعلى عكس المتوقع تراجع المنتخب الجزائري من المركز 22 إلى المركز 24 رغم تأهله إلى الدور الثاني وفقا لحسابات التصنيف المعقدة المرتبطة بنتائج المنتخبات الدولية لعام كامل. ورغم تقديمها بطولة مخيبة للآمال تقدمت اليابان بمكان واحد فقط لتحتل المركز 45 في أفضل مركز لمنتخب آسيوي.

وبعد تراجع المنتخب الإسباني إلى المركز الثامن بعد أن كان يتصدر تصنيف الـ«فيفا» على مدار الأربعة أعوام الماضية، إثر خروجه صفر اليدين من رحلة الدفاع عن لقبه العالمي في بطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل، أصبح المونديال الحالي هو نقطة التحول لهذا الفريق، حيث يحتاج إلى إعادة البناء بعد انتهاء العصر الذهبي الذي استمر على مدار السنوات الست الماضية. وعلى مدار السنوات الست الماضية، بدا المنتخب الإسباني وكأنه الفريق الذي لا يقهر ولكن يبدو أن هذا أصبح مجرد ذكرى. وكانت هزيمة الفريق قبل عام واحد فقط أمام نظيره البرازيلي صفر / 3 في نهائي بطولة كأس القارات على استاد «ماراكانا» في مدينة ريو دي جانيرو مؤشرا على بداية سقوط هذا الفريق الذي توج في السنوات الماضية بلقب كأس الأمم الأوروبية في نسختيها الماضيتين (يورو 2008 و2012) وبلقب كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا.

ولكن المشكلة الأكبر أن المنتخب الإسباني أصبح شبحا لما كان عليه في السنوات الماضية التي توج فيها باللقبين العالمي والأوروبي. وقد يحتفل البعض بهذا السقوط لأن أسلوب «تيكي تاكا» الذي يعتمد على التمريرات القصيرة المتقنة والاستحواذ الهائل على الكرة والذي كان أسلوب المنتخب الإسباني وبرشلونة الإسباني في السنوات الماضية لم يكن مفضلا لدى كثير من المنافسين للفريقين. ولكن الحقيقة أن أسلوب الـ«تيكي تاكا» لم يكن حاضرا على الإطلاق في مونديال البرازيل، حيث اختفى تشافي هيرنانديز صانع ألعاب برشلونة والمنتخب الإسباني ومايسترو الـ«تيكي تاكا» على رغم أنه كان الأفضل من ناحية التمريرات المتقنة في وسط الملعب، كما أنه كان الرمز الأفضل لفلسفة الـ«تيكي تاكا» سواء في برشلونة أو المنتخب الإسباني.

ومع بلوغه الرابعة والثلاثين من عمره، يبدو أن مسيرة تشافي الدولية انتهت بالفعل كما انتهت من قبل مسيرة المدافع كارلوس بويول، وقد يلحق بهما لاعبون آخرون مثل حارس المرمى إيكر كاسياس ولاعب الوسط تشابي ألونسو والمدافع جيرارد بيكيه والمهاجم فيرناندو توريس. كما قال المهاجم ديفيد فيا قبل البطولة إنه سيعتزل اللعب الدولي بنهاية مشاركة المنتخب الإسباني في المونديال الحالي. ولهذا، يبدو المونديال الحالي نهاية دورة المنتخب الإسباني بهذا الجيل الذهبي.

وفي مونديال 2010، خسر المنتخب الإسباني مباراته الأولى في البطولة أيضا، حيث سقط أمام نظيره السويسري ولكنه استعاد اتزانه سريعا ورد بقوة حتى أحرز لقب المونديال. ولكنه لم يكرر هذا في المونديال الحالي، حيث فشل في استعادة اتزانه والرد بقوة بعد الهزيمة القاسية 1 / 5 أمام نظيره الهولندي وخسر المباراة الثانية على التوالي بالسقوط أمام تشيلي صفر / 2. وما بين الهزيمة أمام سويسرا في 2010 والهزيمة أمام هولندا، خاض المنتخب الهولندي 12 مباراة في نهائيات مونديال 2010 ويورو 2012. ولم يخسر أي منها واستقبلت شباكه هدفين فقط في هذه المباريات الـ12.ولكن شباك الفريق استقبلت في مباراتين فقط بالبطولة الحالية سبعة أهداف وهو ما يزيد بهدف على الأهداف التي اهتزت بها شباك الفريق في 19 مباراة خاضها في نهائيات بطولات يورو 2008 و2012 ومونديال 2010. وارتكب المنتخب الإسباني الكثير من الأخطاء في خط الدفاع، حيث غاب جيرارد بيكيه عن دفاع الفريق في مواجهة هجوم تشيلي القوي وحل مكانه خافي مارتينيز الذي يلعب في خط الوسط. كما غاب سيسك فابريغاس عن صفوف الفريق في البطولة الحالية حيث شارك لدقائق قليلة بديلا في مباراة هولندا، علما بأنه لعب دورا بارزا في البطولات السابقة، حيث كان المهاجم غير الصريح الذي اعتمد عليه دل بوسكي كثيرا.

ولم يطبق دل بوسكي طريقة اللعب التي تعتمد على عدم وجود مهاجم صريح في مباراتي الفريق بالبطولة الحالية رغم أنها كانت الخطة التي أحرز بها الفريق لقب يورو 2012. وفي مباراتي هولندا وتشيلي، فضل دل بوسكي الدفع بالمهاجم دييغو كوستا في الهجوم ولعب ديفيد فيا بجواره في لقاء هولندا وبدرو رودريجيز في لقاء تشيلي، ولكن المباراتين أثبتتا خطأ دل بوسكي، حيث لم يقدم كوستا (البرازيلي الأصل) المنتظر منه في هذه البطولة. وقال تشابي ألونسو نجم ريال مدريد الإسباني: «لم نستطع الحفاظ على التعطش للنجاح وأن نحافظ على ثقتنا في الفوز بلقب البطولة». وتساءل زميله إيكر كاسياس حارس مرمى الفريق عما إذا كانت سنوات المجد قد منحت الفريق تشبعا بالنجاح.

ومن المؤكد أن تحليل هذا النجاح سيكون فيما بعد، حسبما أكد دل بوسكي الذي يعلم تماما الآن أن استمراره مع الفريق أصبح محل شك. وتولى دل بوسكي مسؤولية الفريق خلفا للمدرب الراحل لويس أراغونيس وذلك بعد فوز الفريق بلقب يورو 2008. وجدد دل بوسكي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عقده مع الفريق حتى 2016. ويعتقد أنه ليس من المرجح أن يقال دل بوسكي (63 عاما) ولكنه قد يحتاج للتفكير في بناء فريق جديد للمنتخب الإسباني قبل يورو 2016 بفرنسا. ويحتاج دل بوسكي بالتأكيد إلى بعض الوقت لإعادة بناء الفريق بعد هذا السقوط المدوي في مونديال البرازيل، ولكن هذا سيكون له بالطبع بعض العواقب حسبما يرى دل بوسكي نفسه.

+ -
.