واصل الطيران الروسي أمس غاراته في خمس محافظات سورية بينها حلب شمال البلاد حيث تدور معارك عنيفة بين قوات النظام مدعومة بعناصر «حزب الله» ومن إيران وغطاء جوي روسي من جهة ومقاتلي المعارضة من جهة ثانية، وأفيد بحصول فصائل معارضة على أسلحة جديدة لصد الهجوم على ثاني أكبر مدينة في البلاد يتقاسم النظام والمعارضة السيطرة عليها.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الطائرات الروسية المتمركزة في سورية دمرت خلال الـ 24 ساعة الماضية 49 موقعاً، إذ قامت بـ33 طلعة قتالية في أجواء أرياف حلب ودمشق وإدلب واللاذقية وحماة. وقال الجنرال إيغور كوناشينكوف الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية خلال إيجاز صحافي إن الغارات الروسية «أسفرت عن تدمير مركزي قيادة و3 مخازن للذخيرة والأسلحة ومخبأين تحت الأرض و32 مربضاً للمدفعية في مناطق جبلية وغابات و9 مرابض محصنة، بالإضافة إلى ورشة لتصنيع قذائف صاروخية ومنصات إطلاق». وأكد أن كل الطائرات الروسية عادت إلى قاعدة حميميم الجوية قرب اللاذقية بعد تنفيذ مهماتها.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن قوات النظام تقدمت مجدداً في ريف حلب بدعم من الغارات الروسية، موضحاً: «نفذت الطائرات الحربية الروسية عدة غارات على مناطق في قرية بنان الحصن، ومناطق أخرى في محيط جبل عزان بريف حلب الجنوبي، في وقت قتل 5 مقاتلين من الفصائل الاسلامية والمقاتلة بينهم قيادي في حركة إسلامية، خلال الاشتباكات المستمرة مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وعربية في ريف حلب الجنوبي». وأضاف أن المعارك العنيفة تواصلت بين تنظيم «داعش» من طرف، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من المقاتلين الإيرانيين وحزب الله اللبناني من طرف، في محيط منطقة الدكواني بريف حلب الشرقي، والقريبة من المحطة الحرارية، «وسط تقدم لقوات النظام ومعلومات أولية عن سيطرتهم على أجزاء من قرية الدكواني» حيث يحاول النظام الوصول إلى عناصره المحاصرين في مطار كويرس العسكري.
وأعلنت «حركة نور الدين الزنكي» المعارضة ان القائد العسكري إسماعيل ناصيف قتل في اشتباكات جنوب حلب. وقالت الحركة في البيان «الشهيد البطل إسماعيل من أوائل المشاركين بالحراك الثوري في مدينة عندان وشارك بكبرى المعارك ضد النظام وداعش (تنظيم الدولة الإسلامية).»
في غضون ذلك، قال مقاتلو المعارضة الذين يحاربون الجيش النظامي وحلفاءه جنوبي حلب إنهم حصلوا على إمدادات جديدة من صواريخ أميركية الصنع مضادة للدبابات من دول تعارض الرئيس السوري بشار الأسد منذ بدأت القوات الحكومية هجوماً كبيراً هناك الجمعة. وقال مقاتلون من ثلاث جماعات تابعة لـ «الجيش السوري الحر» اتصلت بهم «رويترز» إن إمدادات جديدة وصلت منذ بدء هجوم الجيش المدعوم من مقاتلين إيرانيين ومن جماعة «حزب الله». لكنّ مسؤولين من إحدى الجماعات قالوا إنه رغم وصول كميات جديدة، فإن الإمدادات ليست كافية مع وضع حجم الهجوم في الاعتبار. ورفضوا ذكر أسمائهم بسبب حساسية الوضع. وقال أحد المسؤولين: «عدد قليل لا يكفي. يحتاجون (أي المقاتلون) لعشرات» الصواريخ المضادة للدبابات. ويجري تزويد عدد من جماعات المعارضة التي تدربها دول معارضة للأسد بالأسلحة عبر تركيا في إطار برنامج تدعمه الولايات المتحدة والذي تضمن في بعض الحالات تدريباً عسكرياً قدمته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي اي ايه). وقال رامي عبدالرحمن مدير «المرصد» إن مقاتلي المعارضة أصابوا 11 مركبة عسكرية على الأقل بصواريخ موجهة مضادة للدبابات قرب حلب منذ الجمعة.
في أنقرة، قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إن الطائرة بدون طيار التي أسقطتها طائرات حربية تركية في المجال الجوي التركي قرب سورية يوم الجمعة الماضي روسية الصنع. وقال داود أوغلو في مقابلة مع قناة «أهابر» (الخبر) التلفزيونية التركية ان «الطائرة بدون طيار التي أسقطت روسية الصنع لكن روسيا أبلغتنا بطريقة ودية أنها ليست تابعة لها».
وقال مسؤول أميركي إن واشنطن تعتقد أن الطائرة من أصل روسي. وقال داود أوغلو انها ربما تكون تابعة لقوات الحكومة السورية التي تستورد أسلحتها بصفة أساسية من روسيا أو وحدات تابعة لـ «حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي» أو عناصر أخرى.
ويسلط هذا الحادث الضوء على المخاطر التي تواجهها تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو) مع استهداف تحالف سوري وروسي وآخر أميركي جماعات مسلحة داخل سورية غالباً بالقرب من الحدود التركية. وقال داود أوغلو ان إسقاط الطائرة بدون طيار أثبت أن تركيا مصممة على الرد على أي توغلات في مجالها الجوي. وقال: «هذا الحادث… أظهر أن تركيا لديها القدرة والإرادة السياسية لوضع نهاية لمثل هذه الانتهاكات. آمل أن تتبنى روسيا التي نثمن صداقتها وكونها جارة لنا موقفاً أكثر حرصاً وألا تتأثر العلاقات التركية الروسية سلباً».
في وسط سورية، قال «المرصد»: «أعطبت الفصائل الإسلامية والمقاتلة بصواريخ موجهة دبابة وعربة مدرعة لقوات النظام في محيط قرية المنصورة في سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي» حيث يشهد محيط منطقة الصوامع جنوبها استمراراً للاشتباكات العنيفة بين قوات النظام مدعمة بمسلحين موالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى. وكانت قوات النظام سيطرت قبل أيام على منطقة صوامع المنصورة بسهل الغاب قبل أن تطردها فصائل المعارضة، ثم عاودت قوات النظام السيطرة عليها مجدداً فعاودت المعارضة طردها، لكن الصوامع الآن في يد القوات الحكومية.
وألقى الطيران المروحي، في غضون ذلك، براميل متفجرة على مناطق في بلدة كفرزيتا بريف حماة الشمالي، وسط قصف من الطيران الحربي على مناطق في البلدة، بينما تدور اشتباكات وصفت بالعنيفة في ناحية الحمرا بريف حماة الشرقي، وفق تقرير لـ «المرصد».
وفي إطار مرتبط، ذكرت شبكة شام الإخبارية أن فصائل عدة عاملة في ريف حماة الشمالي أعلنت صباح أمس تشكيل «غرفة عمليات كفرنبودة» بهدف التعاون على صد «العدوان الروسي» المساند لقوات النظام. وتضم غرفة العمليات هذه كلاً من: اللواء السادس، تجمع صقور الغاب، جبهة الإنقاذ المقاتلة، الفوج 111، جيش الإسلام، جيش السنّة، الفرقة الوسطى، الفرقة101، حركة أحرار الشام الإسلامية، ألوية منهاج النبوة، جبهة الصمود، وجبهة الشام.
ونقلت الشبكة عن «الرائد أبو علي» القائد العسكري لـ «جبهة الإنقاذ المقاتلة» أن تشكيل غرفة عمليات كفرنبودة جاء نتيجة «الهجمة الشرسة من الاحتلال الروسي الايراني والذي أوجب على الفصائل التوحد والتكاتف والتعاضد ونبذ الخلافات والفرقة والعمل يداً واحدة لتحقيق النصر». وأضاف أن غرفة العمليات ستتولى «عمليات الدفاع والهجوم… فالهجوم أفضل وسيلة للدفاع». وعن إعلان «جيش الفتح» أنه سيبدأ «غزوة حماة» لتحرير المحافظة من النظام، قال الرائد أبو علي إن «فصائل الجيش الحر ستعمل مع جيش الفتح وتقدم لهم المساندة».
على صعيد آخر، أفاد المرصد في تقرير ليلة أول من أمس بأن ما لا يقل عن 40 عنصراً من تنظيم «داعش» قتلوا جراء استهداف طائرات حربية لرتلهم المؤلف من نحو 16 سيارة في ريف حماة الشرقي. وأوضح أن الرتل كان متوجهاً من الرقة، معقل التنظيم، إلى مناطق سيطرته بريف حماة الشرقي.
في إدلب شمال غربي البلاد، قال «المرصد» ان الطيران الروسي شن غارات على منطقة سجن ادلب المركزي بأطراف مدينة ادلب. كما قصفت طائرات حربية روسية قرية الشيخ مصطفى بريف ادلب الجنوبي. وأضاف أن عنصراً من قوات النظام «قتل خلال اشتباكات مع الفصائل الاسلامية والمقاتلة في محيط بلدة سلمى بجبل الاكراد في ريف اللاذقية الشمالي، كذلك قصفت قوات النظام مناطق في بلدة سلمى ومحيطها»، في وقت دارت «اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الاسلامية والمقاتلة من جهة أخرى في منطقة الجب الاحمر بريف اللاذقية الشمالي، وأنباء عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين، ترافق مع قصف قوات النظام على مناطق في جبل التركمان بريف اللاذقية الشمالي».